تقارير و مقالات

ماذا نعرف عن نظام الكفالة في القوانين العالمية؟

أهداف نظام الكفالة في القوانين المختلفة

ما المقصود بنظام الكفالة في القانون وما هي أهدافه؟
  • ما هي الجرائم التي يجوز فيه الإفراج بكفالة في غالب الدول؟

يشار إلى نظام الكفالة دائما على أنه من الأعمدة الرئيسة في النظم القانونية الحديثة، لموازنته بين حق الشخص في الحرية حتى ثبوت الإدانة أو عدمها وحق المجتمع في السلامة وتحقيق العدالة.

يرمي نظام الكفالة في المقام الأول إلى ضمان مثول المتهم أمام المحكمة، لكن من دون احتجازه على مدى مدة الانتظار، باعتبار المبدأ القائل بأن المتهم بريئ حتى تثبت إدانته.

هنا نحن بصدد استعراض مفهوم نظم الكفالة وأهدافه وأنواعه وشروطه والفروق بين القوانين عالميا في تطبيقه، كما نضيئ حول الجرائم التي يجوز فيها الإفراج بكفالة، وتلك التي يحظر فيها الإفراج بالكفالة.

مفهوم نظام الكفالة

في الدوائر القانونية أو في أجهزة الإعلام كثيرا ما نسمع عن أن المتهم قد أفرج عنه بكفالة، أو أن هناك مساع للإفراج عن متهم ما بكفالة، والواقع أن نظام الكفالة يعني إجراءا قانونيا معينا يسمح بالإفراج عن المتهم بشكل مؤقت قبل صدور الحكم بحقه.

يحدث ذلك في مقابل تقديم ضمان مالي أو شخصي يلتزم من خلاله المتهم للمثول أمام المحكمة متى ما تم إعلانه بذلك، وقد تكون الكفالة مشروطة.

المشرعون ظلوا ينظرون إلى نظام الكفالة على أنه آلية قانونية تحفظ كرامة الإنسان وحقه في الحرية، ذلك دونما إخلال بسلطة الدولة في تحقيق العدالة، ومن هنا ندرك أن المفهوم لا يعني بأي حال من الأحوال تبرئة المتهم، بل هو إجراء مؤقت قبيل إجراء المحاكمة.

نظام الكفالة
هناك جرائم لا يجوز فيها الإفراج بالكفالة

أهداف نظام الكفالة في القوانين المختلفة

هدف المشرع من نظام الكفالة إلى تحقيق جملة من الأهداف منها:

1/ منع الحبس التعسفي الانتظاري قبل المحاكمة، والذي يقوض الحرية الفردية.

2/ ضمان مثول المتهم أمام المحكمة دون الحاجة إلى التحفظ عليه حبيسا على مدى فترة التحقيق.

3/ التخفيف على الحراسات ونقاط الاحتجاز الانتظاري.

4/ تعزيز الثقة في القضاء، باعتباره جهة تفترض حياديتها، وتعادل بين حقوق المجتمع وحقوق الشخص المتهم.

5/ تأكيد مبدأ البراءة الأصلية والذي يعتبر من أهم مبادئ العدالة الجنائية على المستوى العالمي.

بهذا المفهوم يتأكد لنا أن نظام الكفالة وسيلة قانونية ترمي إلى حماية المجتمع والفرد في وقت واحد.

أنواع نظام الكفالة

تتفق نظم الكفالة عالميا في المبدأ ولكنها تختلف شكلا بين الدول باختلاف القوانين، ومن أنواع نظام الكفالة:

1/ الكفالة المالية:

هي نظام شائع أكثر من غيره، ويقوم على دفع المتهم أو كفيله مبلغا ماليا محددا في حساب المحكمة كضمان لحضوره للمثول أمامها.

2/ الكفالة الشخصية:

يوقع فيها الكفيل ويسمي أيضا الضامن على تعهد بإحضار المتهم عند الاستدعاء أمام المحكمة.

3/ الكفالة بضمانات عينية:

وهي نوع من نظام الكفالة يقدم فيه المتهم عقارا أو سيارة أو أي من الأصول كضمان لحضوره أمام المحكمة عند الاستدعاء.

4/ الكفالة بلا مقابل مالي:

هذا النوع من الكفالة يسري على متهمين في قضايا بسيطة، أو عندما يكونون معروفين لدى السلطات ولا يخشى هروبهم أو تهربهم من المثول أمام القضاء.

هذه الأنواع من الكفالة تهدف جميعا إلى ضمان حضور المتهم دون تقييد حريته بشكل مفرط.

شروط نظام الكفالة

هناك شروط يجب توافرها لكي يتم الإفراج عن المتهم بنظام الكفالة، وهي شروط تحددها النظم القانونية في الدول المختلفة، وأبرزها:

1/ أن لا يكون المتهم متهما بجريمة خطرة كالجرائم المهددة للأمن العام والأفراد.

2/ أن لا يكون المتهم يشكل خطرا على المجتمع أو الشهود في القضية.

3/ أن يكون معروف الإقامة، وتسهل متابعته إن احتاجت السلطات لذلك.

4/ أن يتم تقديم الضمان الكافي الذي يكون سببا في دفع السلطات نحو قبول تمتعه بالكفالة.

5/ أن يتعهد بعدم التأثير على الشهود أو العبث بالأدلة.

بناءا على هذه الشروط الأساسية تقرر النيابة أو القاضي في بعض الدول قبول أو رفض الكفالة، باعتبار أن الكفالة لا تمنح تلقائيا إنما تخضع لتقدير النيابة بحسب ظروف القضية.

الجرائم التي يجوز فيها الإفراج بكفالة

تمنح النيابة حق الإفراج بكفالة في القضايا التي لا علاقة لها بالأمن العام أو سلامة المجتمع بشكل مباشر، حيث لا يمكن للنيابة قبول تمتع متهم بنظام الكفالة في وجود احتمال تعريض حياة آخرين للخطر إن تم الإفراج عنه، ولهذا فإن أبرز القضايا الجائز الإفراج فيها بكفالة هي:

1/ الجرائم المالية البسيط مثل السرقة غير الجسيمة، أو الاحتيال المحدود، وفق تقديرات النيابة.

2/ الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها السجن القصير.

3/ بعض قضايا الحيازة الشخصية للمخدرات ما لم تتوصل التحقيقات إلى وجود شبهة الإتجار.

4/ قضايا الرأي والنشر بالنسبة للصحفيين في الدول التي تكفل حرية التعبير.

هذا الجزء من نظام الكفالة يمكن المتهم من ممارسة حياته الطبيعية إلى أن يتوصل القضاء لإدانته أو برائته من التهم المنسوبة إليه.

الجرائم التي لا يجوز فيها الإفراج بالكفالة

بالرغم من اختلاف القوانين باختلاف الدول إلا أنها على شبه إجماع بأن هناك جرائم لا يجوز الإفراج فيها بنظام الكفالة ومنها:

1/ القتل العمد أو محاولة القتل.

2/ جرائم أمن الدولة والإرهاب.

3/ الاغتصاب والاعتداء الجنسي.

4/ الاتجار بالمخدرات.

5/ الفساد وغسيل الأموال.

نظام الكفالة
حيادية القضاء واستقلاله من مؤشرات التقدم والحرية وحقوق الإنسان

مقارنة نظام الكفالة بين القانون الأمريكي والقوانين العربية

بشكل عام يختلف نظام الكفالة باختلاف القوانين على مستوى العالم، ففي الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر الكفالة حق دستوري ينص عليه التعديل الثامن للدستور والذي يمنع فرض كفالة مفرطة.

في الولايات المتحدة الأمريكية تحدد المحكمة قيمة الكفالة على ضوء خطورة الاتهام والجريمة وسجل المتهم، كما يسمح القانون الأمريكي بوجود شركات كفالة خاصة تتولى دفع مبلغ الكفالة.

أما في غالب القوانين العربية لا تعتبر الكفالة حقا مطلقا، وإنما هي صلاحية تقديرية للقاضي أو النيابة العامة، وغالبا لا توجد شركات كفالة، بل يتم تقديم الضمانة بشكل مباشر للمحكمة، مع مراعاة درجة خطورة التهمة والجوانب الاجتماعية والإنسانية.

بإمكاننا هنا أن نلاحظ أن نظام الكفالة في القوانين العربية يقوم على الضمانات الشخصية أكثر من الميل نحو الضمانات المالية على عكس النظام ذاته في الولايات المتحدة.

انتقادات لنظام الكفالة

بالرغم من أن نظام الكفالة يشير إلى مستوى عال من التطور في حفظ الحقوق إلا أنه يواجه انتقادات في بعض الدول.

ويرى المنتقدون أن الاعتماد على نظام الكفالة المالية وحده يقود إلى التمييز ضد الفقراء الذين لا يملكون مبالغ الكفالة مما يبقيهم في السجون رغم عدم إدانتهم.

وهناك من يرى أن نظام الكفالة قد يتيح للمتهمين الهروب من العدالة أو التأثير على مجريات التحقيق، ولهذا نرى بعض الدول المتقدمة طورت أنظمة تتبع إلكترونية مثل السوار الإلكتروني لمراقبة المتهمين.

ختاما

لا يعتبر نظام الكفالة إجراءا قانونيا بسيطا، إنما هو مبدأ إنساني وقضائي يشير إلى مدى التزام الدول بحق الإنسان في الحرية والعدالة، فهو يوازن بين حقوق المجتمع في العدالة والأمن وحق الإنسان في الحرية.

وبالرغم من اختلاف تفاصيل الكفالة بين دولة وأخرى إلا أننا نرى أن المشرعين نجحوا في ضمان عدم تحويل مرحلة التحقيق إلى عقوبة قبل الإدانة.

قد نشاهد العدالة تعتمد مستقبلا على نظام الكفالة الذكية والرقابة المتوازنة بدلا عن حبس المتهم في انتظار المحاكمة، وفي كل الأحوال فإن حيادية النظام القضائي ومرونته واستقلاله من المحددات البارزة والقاطعة عندما يتم النظر لمستوى تقدم الدول أو درجة التزامها بحقوق الإنسان.

أسبالتا

شبكة أسبالتا الإخبارية (Aspalta News)، منصتكم الأولى لمتابعة آخر أخبار السودان اليوم على مدار الساعة. نقدم تغطية شاملة وموثوقة للأحداث السياسية، الاقتصادية، الرياضية، والثقافية، بالإضافة إلى تقارير حصرية وتحليلات معمّقة تساعدكم على فهم المشهد السوداني والعالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى